الإخوان المسلمون- قراءة في الواقع، المستقبل، والتحديات.

المؤلف: عبد الحافظ الصاوي08.18.2025
الإخوان المسلمون- قراءة في الواقع، المستقبل، والتحديات.

مما لا ريب فيه أن وجود دراسات ترصد وتحلل واقعنا الاجتماعي يعتبر عملاً بناءً ومحمودًا، بصرف النظر عن النتائج التي تخلص إليها هذه الدراسات. فالحد الأدنى الذي تقدمه لنا هذه الدراسات هو أنها تلقي الضوء على التطورات المتسارعة التي تشهدها مجتمعاتنا، كما أنها تنبهنا إلى مكامن الخلل وأوجه القصور في ممارساتنا. وعلى الشخص الحكيم أن يسعى جاهداً لتحويل هذه الدراسات الموضوعية والجادة إلى خطط عمل وبرامج إصلاحية وتوجيهية.

من الطبيعي أن نجد بعض هذه الدراسات والأطروحات يركز على قضايا الإسلاميين على وجه العموم، وحركة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص. وهذا الاهتمام المتزايد بقضايا الإسلاميين ليس مستغرباً، وذلك لأهمية فهم هذا الجزء الذي لا يمكن إغفاله عند محاولة فهم الواقع الاجتماعي في الدول العربية والإسلامية.

الدين يمثل الدافع والمحرك الأساسي لقطاعات واسعة من الإسلاميين عمومًا، ولجماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص. ولا يزال الشعار الذي كنا نردده بحماس في حملة الشيخ صلاح أبو إسماعيل الانتخابية للبرلمان عام 1979 يتردد في أذهاننا: "في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء".

إن حركة الإخوان المسلمين، بما تمثله من حركة ومشروع متكامل، تستحق هذا الاهتمام والتركيز، وذلك لما قدمته من إسهامات واضحة في المشهد الاجتماعي على مدى ما يقرب من تسعة عقود، سواء في المنطقة العربية أو في العالم الإسلامي. فضلاً عن الدور البارز الذي لعبته الحركة في أحداث الربيع العربي، وكذلك كونها كانت هدفاً رئيسياً لمشاريع الثورات المضادة للربيع العربي.

إلا أن هناك عدة ملاحظات جوهرية يمكن تسجيلها على بعض هذه الدراسات والأطروحات. فمنها أن الباحثين القائمين عليها ينطلقون من مسلّمات غير قابلة للنقاش، بل إنها تعتبر خطأً منهجياً واضحاً. ومن ذلك مثلاً، التعامل مع الإسلام بمنظور مشابه لمفهوم الكنيسة للدين، على أساس أنه يجب الفصل التام بين الدين والدنيا، وباعتبار أن السياسة هي من أعمال الدنيا، فلا يجوز ممارستها وفقاً لمرجعيات دينية.

وعليه، نجد أن البعض يطرح فكرة تجريد أي عمل سياسي من أي منطلق ديني، وكأنها حقيقة مُسلّم بها. بل ويتمادى في تفسير وجود الإسلاميين في الواقع الاجتماعي - والذي يشمل الممارسة السياسية والاقتصادية والثقافية - على أنه مجرد نوع من الصراع السياسي الذي يتم فيه استحضار الدين لحسم الصراع مع المنافسين.

بينما الحقيقة الجلية هي أن الدين يمثل المحرك الأساسي لشرائح واسعة من الإسلاميين بشكل عام، ولجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص. ولا يزال الشعار الذي كنا نردده بكل حماس وتفانٍ في حملة الشيخ صلاح أبو إسماعيل الانتخابية للبرلمان عام 1979 - وكنت حينها في بداية المرحلة الثانوية الأزهرية - "في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء.. ما لحزب قد عملنا نحن للدين فداء.. فليعد للدين مجده.. أو ترق منا الدماء"، هذا الشعار ظل يمثل مكوناً رئيسياً في عقولنا ووجداننا إبان الحياة الجامعية خلال النصف الأول من حقبة الثمانينيات.

لقد أثارت هذه المُسلّمات التي تنطلق منها تلك الدراسات، والتي تفسر الصراع الموجود في الساحة على أنه صراع سياسي يستدعي الدين، ذكريات مشابهة لما طرحه الأستاذ حسين أحمد أمين في كتابه "دليل المسلم الحزين إلى مقتضى السلوك في القرن العشرين"، حيث فسر الرجل رسالة الإسلام في صدره الأول على أنها مجرد صراع اجتماعي لا أكثر.

ما أود التأكيد عليه هنا، بصفتي واحداً من الإسلاميين، ومنتمياً إلى حركة الإخوان المسلمين منذ أن كان عمري 16 عاماً، هو أن القراءة الصحيحة لأداء الإخوان المسلمين في شتى مناحي الحياة ينبع من الدين ودافع الدين، وليس العكس. فكم من الإخوان المسلمين لم يكن ليراهم الناس في مجالات مختلفة، وعلى رأسها السياسة، لولا دوافعهم الدينية الراسخة.

إن الالتزام بضوابط الحلال والحرام هو القيد الذي يلازم سلوك الإخوان المسلمين في ممارساتهم العامة والخاصة. فكم من الأمور كان يمكن أن يكسب بها الإخوان مواقف سياسية، ولكنها كانت لا تلتزم بقواعد الحلال والحرام، فتم الإعراض عنها وتجنبها. ومن ذلك على سبيل المثال، ما كان يعرض علينا في الانتخابات العامة المختلفة، حيث لم يكن في اللجان سوى مندوبي الإخوان ومندوبي الحزب الوطني، أو المنافس الآخر، وكان يعرض علينا أن يتم تزوير أوراق الانتخابات مناصفة، فكنا نرفض هذا السلوك رفضاً قاطعاً، لحرمته الشرعية، وليس لما يترتب عليه من نتائج انتخابية. وهناك ممارسات كثيرة أخرى كانت تتعلق بالحفاظ على المال العام، أو مجاملة مسؤولين كبار في السلطة.

أخطاء الممارسة

الإخوان المسلمون بشر، تنطبق عليهم كل قواعد العمل البشري. فهم في خضم ممارستهم للأعمال الاجتماعية، يصيبون ويخطئون. وعلينا أن نعترف بكل شجاعة وموضوعية بأن لنا أخطاء قد دفع ثمنها غيرنا، بل والمجتمع بأسره، وبخاصة بعد ثورات الربيع العربي.

وأرى أن ما تم هذه المرة من ممارسة الإخوان للسياسة، وبخاصة بعد ثورات الربيع العربي، يغلب عليه التدوين، بل الرصد والتحليل الدقيق، وسيكون بمثابة دليل عمل مرجعي، حين يأذن الله عز وجل بعودة الحركة للعمل مرة أخرى.

إن عملية التصويب للفكر والممارسة ليست بجديدة على الإخوان المسلمين. ففي منتصف التسعينيات أعد الإخوان المسلمون ما يمكن تسميته مراجعات شاملة، فيما يتعلق بعمل المرأة، والتعددية الحزبية، وهما موقفان يختلفان عما هو مدون لما ذهب إليه الأستاذ المؤسس لدعوة الإخوان المسلمين، الشهيد حسن البنا رحمه الله.

ولم تقتصر المراجعات على الجوانب النظرية فحسب، بل انتقلت أيضاً إلى الجانب العملي، حيث وجدنا مرشحات للإخوان المسلمين للبرلمان، والنقابات. وإن كانت حكومات مبارك حريصة على إجهاض هذه التجربة، حتى لا يترتب عليها تطور اجتماعي يحسب للمشروع الإسلامي، وبخاصة تصحيح الصورة الذهنية للمجتمع عن دور المرأة ومكانتها.

وفي السياق ذاته، تناولت المراجعات التجربة في قضية المواطنة، باعتبارها مكوناً رئيسياً في العقد الاجتماعي، يتساوى فيه جميع أبناء الوطن في الحقوق والواجبات. وترتب على ذلك وجود إخوة لنا من المسيحيين مرشحين في قوائم الإخوان في البرلمان أو النقابات. ووجدنا في انتخابات 1987 ترشح جمال أسعد على رأس قائمة للإخوان المسلمين في أسيوط، وكان الأستاذ المرشد محمد حامد أبو النصر يساهم بفاعلية في الدعاية للقائمة. وحدث الشيء نفسه بعد ثورة 25 يناير، من وجود مرشح حزب الكرامة "أمين إسكندر" على قائمة حزب الحرية والعدالة في منطقة شبرا.

انصراف الشباب إلى توجهات إسلامية أخرى

تشير بعض المقالات أو الدراسات إلى أن تراجع حركة الإخوان المسلمين قد أدى إلى انصراف الشباب إلى مساحات أخرى بعيدة عن مشروع الإخوان المسلمين، الذي يغلب عليه الطابع السياسي. وخاصة مع اتساع رقعة توجه الشباب لحضور حلقات العلم الشرعي، لدى علماء وشباب غير محسوبين على حركة الإخوان المسلمين، أو الانضمام إلى الحالة الصوفية، سواء كسلوك صوفي فردي، أو من خلال الارتباط بجماعات التصوف المختلفة.

أرى أن هذا وضع طبيعي في ظل الانسداد الاجتماعي العام، والتضييق الممنهج على حركة الإخوان المسلمين. ولكن على الرغم من أن البعض قد يعتبر ذلك خصماً من رصيد حركة الإخوان المسلمين، إلا أنني أختلف مع هذا التوجه، وأعتقد أنه إضافة حقيقية للمشروع الإسلامي ككل، من حيث الحفاظ على هؤلاء الشباب في بيئات علمية وروحية سليمة، تحت مظلة الإسلام السمحة.

لقد شهدت جماعة الإخوان المسلمين على مدار أكثر من 40 عاماً نماذج عديدة كانت تستوعبها الأعمال الروحية والعبادية أكثر من غيرها. وفئة أخرى كانت تجد نفسها في أعمال الخير والبر والإحسان. بل إن بعضهم كان ينفر من العمل السياسي بطبيعته، لما ينتج عنه من خلافات ومشاحنات. ولكن في النهاية، كان فكر هؤلاء جميعاً ينضوي تحت قناعة راسخة بأن الإسلام دين شامل وكامل.

من النتائج التي تثير استغراب المراقب للشأن الإسلامي، أن تصل نتائج بعض الدراسات إلى أن غياب الإخوان المسلمين قد أدى إلى زيادة الثقة في مؤسسة الأزهر الشريف، وتصل إلى نتيجة مفادها أن ذلك يعد خصماً من وجود الإخوان المسلمين في الشارع. والحقيقة أن جماعة الإخوان المسلمين وعلى مدار ما يقرب من تسعة عقود، ضمت بين صفوفها طلاب وعلماء الأزهر، سواء كانوا طلاباً أو أئمة وخطباء، أو أساتذة في الجامعة بالكليات الشرعية، بل وفي مختلف قطاعات مؤسسة الأزهر الكبرى. لذا، فتوجه الناس إلى مؤسسة الأزهر وزيادة الثقة فيها، لا يقلق جماعة الإخوان المسلمين على الإطلاق، بل يثلج صدرها ويطمئنها بأن الناس تلجأ إلى منبر الوسطية والاعتدال، والمؤسسة العلمية العريقة. ولكن ما يقلق جماعة الإخوان حقاً، هو انصراف بعض الشباب إلى جماعات العنف والتطرف، أو الجماعات التكفيرية.

الإخوان وثورة المعلومات

يرى البعض أن ثمة تحدياً كبيراً يواجه حركة الإخوان المسلمين، فيما يتعلق بهذا التدفق الهائل والمتزايد للمعلومات، وأنه قد يشكل خطراً على الفكرة والمشروع. والحقيقة أن مشروع الإخوان المسلمين بني على بناء الفرد المسلم الذي يتسم بصفات عشر أساسية، وهي أن يكون "قوي الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادراً على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهداً لنفسه، حريصاً على وقته، منظماً في شؤونه، نافعاً لغيره، وذلك واجب كل أخ على حدته".

إذن، هذا التدفق الهائل للمعلومات لا يزعج الإخوان المسلمين على الإطلاق، بل يساعدهم في بناء وتنمية أفرادهم، وفي تحقيق أحد المكونات الرئيسية للشخصية الإخوانية، وهو أن يكون "مثقف الفكر". بل يسعى الإخوان جاهدين لأن يكون هذا الأمر متوفراً لدى جميع أبناء المشروع الإسلامي، بل والإنساني على السواء. ففي ضوء المعرفة والفكر المستنير، يزدهر المشروع الإسلامي ويزداد قوة، لما يمليه هذا المشروع من وجوب التعلم والتفكر العميق، واستيعاب العصر وعلومه وتقنياته.

ولكن لا أنكر أن هناك تجارب سلبية لبعض الأشخاص في البيئات التربوية للجماعة، قد تطالب الأفراد بقصر قراءاتهم على لون معين من الفكر، ولكن تظل هذه التجارب محدودة للغاية، ولم تعد تناسب طبيعة عصر المعلومات الذي نعيشه، كما أنها تصطدم بمنهج الجماعة في تشجيع الأفراد على الاطلاع وتحصيل العلم، ومختلف ألوان الثقافة والمعرفة، أياً كان مصدرها.

الإخوان وسؤال المعاش

إن الحفاظ على مستوى معيشة كريم ومستقر هو ما يشغل بال الإخوان المسلمين. ولعل الأستاذ حسن البنا قدم إجابة واضحة المعالم في رسالته "مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي"، حيث بين ضمن مكوناتها تصوره للنظام الاقتصادي الذي يصلح لمصر في ضوء النظام الإسلامي، حينما تحدث عن ثروات المجتمع المصري، وحقوق العمال، ونظام الملكيات، والفساد المستشري، والتوغل الأجنبي، وضرورة وجود صناعة متقدمة، وزيادة معدلات الاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية. وعلى هذا المسار، حينما مارس الإخوان العمل العام بشقيه السياسي والاجتماعي، كان سؤال المعاش وتأمين سبل العيش الكريم والإجابة عنه هو ما يشغلهم بالدرجة الأولى.

أرى أن وعي الإخوان وعملهم الدؤوب في إطار السعي لتلبية وتدبير شؤون معاش الناس هو ما جعلهم هدفاً للسلطات المستبدة في مختلف دول العالم العربي والإسلامي. فأصحاب النفوذ والمصالح، وممارسو الفساد، يخشون من وصول الإخوان إلى مراكز السلطة واتخاذ القرار، وهذا ما يفسر الصدامات المستمرة من قبل هذه الأنظمة مع جماعة الإخوان المسلمين.

هل ما زالت فكرة الإخوان آسرة لدى المجتمع؟

بينما أسطر هذه الكلمات، كنت أتمنى أن أجعل عنوان هذه الفقرة "هل ما زالت فكرة الإخوان آسرة لدى الشباب؟"، وذلك باعتبار أن كثيراً من الباحثين يركزون في تناولهم للشأن الإخواني على الشباب، باعتبارهم إحدى المميزات الرئيسية التي تمتعت بها الجماعة خلال العقود الماضية.

من الطبيعي أن تشهد الجماعة، بعد الانتكاسات التي تعرضت لها تجربتها في مصر وفي غيرها من بلدان الربيع العربي، انصراف بعض الشباب، لأن الشباب يشعرون بأن الممارسة السياسية الخاطئة لجماعة الإخوان قد أضاعت حلمهم المنشود في أن يروا بلدانهم واحات للحرية والديمقراطية، وتقديم نموذج ناجح للمشروع الإسلامي.

يعتقد البعض أن جماعة الإخوان المسلمين قد أصبحت أثراً بعد عين، وأنها قد وُدعت إلى غير رجعة، ولكن هذه النتيجة لا تمتلك نسبة كبيرة من المصداقية.

الاهتمام بالشباب وتطلعاتهم وردود أفعالهم هو أمر في غاية الأهمية، وعلينا أن نستفيد من الدروس المستخلصة. ولكني بحكم المعايشة والتجربة أرى أن هناك شيئاً إيجابياً يتحقق لدى الشباب، وهو أنهم اتجهوا لبناء ذواتهم بشكل علمي وعملي متين، بهدف خدمة المشروع الإسلامي بشكل عام، وهذا شيء إيجابي بكل تأكيد، حتى ولو كان بعضهم قد اتخذ موقفاً سلبياً من جماعة الإخوان كحركة.

أما عن المجتمع وقضية ثقته بالإخوان المسلمين، فعلينا أن نتذكر أننا نعيش في ظروف استثنائية وغير طبيعية. ومع ذلك، هناك نسبة لا يستهان بها من المجتمع ما زالت تثق بالإخوان المسلمين. وأرى أنه في حالة عودة جماعة الإخوان المسلمين إلى العمل في أوساط المجتمعات بشكل طبيعي، سيكون هناك تقدير مختلف لأدائها ومواقفها. وإن كان الأمر لن يخلو من عقبات ومشكلات ستواجهها الجماعة بسبب ممارساتها إبان ثورات الربيع العربي وما تلاها، وقد نشهد خروج بعض من أبناء جماعة الإخوان لتأسيس كيانات مستقلة، يمارسون من خلالها العمل العام وفق قواعد جديدة ومغايرة لتلك التي عايشوها في تجربة الجماعة خلال الفترة الماضية.

مستقبل حضور جماعة الإخوان المسلمين

يرى البعض أن جماعة الإخوان المسلمين قد أصبحت أثراً بعد عين، وأنه قد يُودع منها، ولكن هذه النتيجة تفتقر إلى الصحة والمصداقية. والدليل على ذلك، ومن خلال رصد تجارب الحركات والأحزاب السياسية البحتة، نجد أنها تحتاج إلى إعادة تقييم وتدقيق. فأحزاب اليسار في أوروبا على سبيل المثال، بعد تجربة انهيار الاتحاد السوفياتي، ظلت مهزومة نفسياً وسياسياً لفترة طويلة، ثم استعادت حيويتها ونشاطها بعد ذلك، وتمكنت من العودة إلى السلطة.

ولكن لعل خصوصية جماعة الإخوان المسلمين تنبع من ارتباط مشروعها بقواعد الإسلام السمحة، من كونه ديناً شاملاً وكاملاً، وكون الجماعة تدعو إلى وحدة الأمة الإسلامية. ومن الضروري التشديد مرة أخرى على أن هاتين الصفتين هما من الخصائص الجوهرية للإسلام.

لذا، يمكننا القول بثقة إن هاتين الخاصيتين تحفظان مشروع الجماعة لدى المجتمع، بل وتجعلانه يحظى بالقبول لدى شريحة واسعة من المسلمين. ولعلنا رصدنا إسهامات جليلة تخدم المشروع الإسلامي في إطار هاتين الخاصيتين، من قبل أناس ليس لديهم أدنى ارتباط بحركة الإخوان المسلمين.

ولكي يستمر حضور الإخوان كحركة فاعلة في المستقبل، عليهم أن يلتفتوا بجدية إلى ما صدر عنهم من بحوث ودراسات من جهات خارجية، ليقفوا على تقويم موضوعي وسليم لأدائهم وممارساتهم. كما يجب عليهم أن يصغوا بآذان صاغية إلى ملاحظات أبنائهم حول تجاربهم السابقة، وأن يستلهموا منها الدروس والعبر القيمة.

في الختام، لا أدعي العصمة لشخص أو جماعة، بل العبرة تكمن في مدى قرب أو بعد الأداء من الصواب والخطأ. ونأمل أن تكون دائرة الاجتهاد واسعة بما يكفي لتتسع لحركة الإخوان المسلمين وغيرها من العاملين المخلصين في ساحة العمل العام.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة